الأربعاء، 15 فبراير 2017

أنت لست كما تظن

دوما تسير الأمور على مايرام ، حتى يهب ذلك اليوم عليك كالعاصفة، قبلها كنت تظن نفسك قديسا لا يترنح لا تبدله الظروف ولا يتبدل ، لسانك الذي أطلقته مدافعا عن مبادئ ظننت أنها لك أنت الآن  على شفا التخلي عنها ، واذا بالقمر الذي تهتدي به دوما  ينشق على مفترق الطريق ،  فتتفرد بك الظلمة مصبغة عليك شيئا من التخبط العكر .
الغريب في الأمر أنك تجلس في غرفتك في آخر كل ليلة ، وبصحبتك قهوتك الساخنة  وعلى ورقات بيضاء تسطر عن نفسك سطورا  هي بالتأكيد عن شخص آخر ليس انت  ، و حين ارتديت منظارك و أخذت تفتش في أحوال  الناس فتصدر عن فمك طقطقة الامتعاض غير راضيا  أبدا عن أفعالهم وسلوكهم و تقسم ألف قسم  و تتمتم " لا لا والله ما يحصل ، عمري ما أعمل كدا أبدا "
لاحظت في نفسي ذلك الأمر كثيرا ،  الى أن أدركت أن المواقف والاختبارات الحياتية  هي التي تحدد صدق ما أنت عليه  فالاختبار  الذي يتخلل كل جنباتك و ويغمرك من أعلاك الى أسفلك  هو الذي يضعك حيث لابد أن تكون  ، يذكر دكتور مصطفى محمود عن تلك المواقف التي تحتوي ادراكك و شعورك ، يشبهها بتلك اللحظة التي تفقد فيها التمييز في مصعد كهربائي ، هل هو متحرك أم ساكن ، هناك شخص يقف خارج المصعد استطاع أن يحدد . ذلك الشخص كان أنت قبل أن يختلط عليك الأمر و تشتتك الظروف .
 قل لي ماذا فعلت  حين اصطدمت  مصالحك  بمبادئك أقل لك من أنت ، فلكل مننا فلسفته الخاصة ومبرراته التي يتسطيع تطويعها  للتملص من تلك الأمور .
 فتلك الراقصة التي تتلوى عارية أمام الجمهور في عز الشتاء  ترى في سكرها و الخمر الذي تستقيه منجاة لها من جو قارص  اذا استبد بها سيقتلها  ،  و فضلا منك لا تحدثها أو تتطرق معها الى الحرام و الحلال  في حالتها تلك لأنك بذلك تهدد عملها  ومصالحها وستنقض عليك صارخة في وجهك " آه دا أكل عيش ولا أسرق يعني !!  وبعدين مش  دا حكم المضطر برضو يا بتوع الدين  "
قس على ذلك الكثير ، ربما يفسر لك هذا الأمر أيضا ،  لماذا يكون دوما حامي البلاد وراعي الأمن فيها هو حراميها ولصها الأوحد بل و خالق الفوضى و ومحدثها .
رأيت مؤخرا فيديو عبارة عن شخصين على شاطئ رملية  ، أحدهما يحاول التسلق على سقف بيت خشبي  مائل ليحضر من أعلاه شئ ما ، مستندا على  صديقه ذلك الذي يحمله من الخلف ملتحفا بمنشفة  تستر نصفه السفلي ، وفجأة بدأت المنشفه التي تستر أسفله تنزلق من عليه كاشفة عن عورته ، ربما كان صديقا وفيا طيلة سنوات ، ولكنه فورا  تشبث بها ململما أطرافها ليستر عن نفسه الفضيحة  ، و ترك صديقه يهوى على رأسه من أعلى السقف ، ضحكت بشدة  ولكن لم أستبعد أن أتصرف لا إراديا مثله لو  كنت في مكانه .
هناك مثل مصري يقول " المايه تكذب الغطاسلذا دعك من التشدق بما ليس فيك  أو بالأحرى بما تظن أنه فيك  ولكن أطلب من ربك الثبات على الرشد ،  فنوائب الدهر عاتية و لو نظرت في حال نفسك منذ زمن ، لوجدت أنك تبدلت  آلاف المرات وهكذا أنا