بالأمس كان يشغلني غيابك عن التفكير فقد
تمنيت أن شيئا جديدا ما سيجرف بنوبات
القلق و الشرود المتتابع ، نسيت أنني على موعد في المساء مع طرقات ليالي الشتاء
المشتتة أسير بلا هوية و أفكر في ألا أفكر في شيء فأتذكرك فتفشل المهمة فأعود الى
بيتي و أنام . لو كانت السنة كلها شتاء لشرعت في بناء موقد و مدفأة بداخل بيتي
لأجلس بجانبها حتى أمل من الدفء و حين يزيد الملل سأكتب شيئا لكِ ثم أمزقه ثم أكتب
ثم أمزق و سأرمي بها جميعا في الموقد لتبدأ جميع الرسائل ب " عزيزتي "
دون ذكر اسمك خوفا من أن تحرقه النار . كنت أكره التفاصيل المرهقة أصبحت شغوفا بها
فهي تسرقني من حيرتي الى حيرة أكبر أتشاغل و أتناسى فأنسى . الشارع مليء بالتفاصيل
و وجوه الناس بحور من الأسرار و المشاعر و الأفكار . أدقق في ملامحهم و أبني
تصوراتي و أخمن قصة الرجل المسن و تلك الفتاة التي أذاب العشق قواها و هذه
المرأة التي تكاد تنفجر بما يجوب في رأسها و هي تعبر الطريق . فضلا أيها اليوم
أسرع فغدا بانتظارك سأترك لك ساعتي قرب
المدفأة الوهمية و أذهب لأسأل المارين " كم الساعة الآن ؟ " . صارت حجتك
باطلة أيها الوقت ها أنا أفنيك فلا تفنى . وتلك رسالة أخرى لن تقرأيها و ها أنا
أمزقها و سأرميها في مدفأتي الوهمية عزيزتي فلانة خوفا من تصيب النار حروف اسمك .