الجمعة، 26 أبريل 2019

فقط اسمعني

أجيد السباحة ولكن فضلا لا تحدثني عن الأمواج المتلاطمة و السحب الضجرة و الرياح حين  تأتي بما لا نشتهي
كنت بالأمس القريب أجيد الحديث عن نفسي فكنت أتحدث بلا توقف تقودني مشاعري و ترسلني أفكاري و تبعثرني أسراري كنت أشتهي الكتابة و أتوق إلى نفسي التي لم تكن بعيدة عن أصلها وقليلة كانت رتوشها و عيوبها . الآن أنا بين يديك أتوق الى نفسي التي لم أدركها الى حالة تحيلني قديسا أو ماجنا يتخبط في أرجاء المدينة . ساعدني بقليل من الإيماء و اترك لي على الطاولة مفاتيح بعض الكلام لعلي أتذكر من نثري شيئا يحيلني أديبا و ذكرني بمواعيد الدواء لعلي أنجح في إسكات أنين أعضائي لبعض من الوقت و أصبح لنفسي طبيبا و أمسي  برأسي مريضا .
سأطلب منك بعد قليل أن ترحل فلا تعجب  لأني أريد الانفراد بمشاعري التي لا أكاد أتبينها حتى أنساها لعلي أسكب من دمعي قصيدة أو أتراقص مع أهازيج  بعيدة فأرى بها
غد واعد حالم ربما هو آت ولكنه يهوى مداعبتي و يستهوى تحرقي و شغفي
اليوم بمثابة شرودي و الأمس هو محض ميلادي و الغد في انتظاري  أؤمن بذلك دون تعنف مع تباطىء الأزمان و رتابة الانتظار . ثمة شيء على كتفي سأنوء بحمله و سأرمي تبعة سقوطي عليكم فلا أقوى على  الحساب و لا أحب أن أضحي بسجيتي و أطباعي لأظفر ببعض الإستحسان .
لا تحاول أن تفهم كلامي و لا أن تفسر مقصدي فقط اسمعني و ارحل اسمعني   دون شغف و دون انطفاء اسمعني سماع المار للمنتظر الذي طال انتظاره اسمعني و ساعدني أن أراقب تفاصيل وجهك و خلجاتك لعلي أرى فيها انعكاسا لما قد اندثر بداخلي ونسيته  وعجزت عن وصفه وسرده .
عليك أن ترحل الآن فأنا أريد الجلوس وحدي

الاثنين، 18 فبراير 2019

مدفأة وهمية


بالأمس كان يشغلني غيابك عن التفكير فقد تمنيت  أن شيئا جديدا ما سيجرف بنوبات القلق و الشرود المتتابع ، نسيت أنني على موعد في المساء مع طرقات ليالي الشتاء المشتتة أسير بلا هوية و أفكر في ألا أفكر في شيء فأتذكرك فتفشل المهمة فأعود الى بيتي و أنام . لو كانت السنة كلها شتاء لشرعت في بناء موقد و مدفأة بداخل بيتي لأجلس بجانبها حتى أمل من الدفء و حين يزيد الملل سأكتب شيئا لكِ ثم أمزقه ثم أكتب ثم أمزق و سأرمي بها جميعا في الموقد لتبدأ جميع الرسائل ب " عزيزتي " دون ذكر اسمك خوفا من أن تحرقه النار . كنت أكره التفاصيل المرهقة أصبحت شغوفا بها فهي تسرقني من حيرتي الى حيرة أكبر أتشاغل و أتناسى فأنسى . الشارع مليء بالتفاصيل و وجوه الناس بحور من الأسرار و المشاعر و الأفكار . أدقق في ملامحهم و أبني تصوراتي و أخمن قصة الرجل المسن و تلك الفتاة التي أذاب العشق قواها   و هذه المرأة التي تكاد تنفجر بما يجوب في رأسها و هي تعبر الطريق . فضلا أيها اليوم أسرع فغدا بانتظارك سأترك  لك ساعتي قرب المدفأة الوهمية و أذهب لأسأل المارين " كم الساعة الآن ؟ " . صارت حجتك باطلة أيها الوقت ها أنا أفنيك فلا تفنى . وتلك رسالة أخرى لن تقرأيها و ها أنا أمزقها و سأرميها في مدفأتي الوهمية عزيزتي فلانة خوفا من تصيب النار حروف اسمك .