الأحد، 15 يناير 2017

خذ الحكمة من أفواه من يأتون ويختفون

لا أهتم بسرد مجريات يومي كثيرا وبالتالي لن أفرض عليك قراءتها ولكن بعض أحداث اليوم غيرت نظرتي لأمور شتى فلتقرأها ربما أود أن أتكلم وربما تشاركني رغبتي بأن تسمعني .
-لا أعلم كثيرا عن تلك المفارقات أو السيناريو غير المتوقع ، ربما لأن الحياة برتابتها نوعا صارت عقيمة ، ولم يكن لي سابقات كُثر أو خبرات تستحق السرد في استخلاص العبر و أو استنباط الحكم الالهية .
ربما ترجع بعد يوم منهك يوم شاق في الكلية كما حدث معي اليوم ،مزاجي سئ نوعا ، سيناريو بقية يومي- المفترض بأنه عطلة اسبوع – تريد أن تكافئ نفسك بالترويح عنها لكن لا خطط لا شئ وربما كان ذلك سبب في ضيقك ، إضافة أنك لم تنل من النوم غير ساعتين ، فكونك تعلم أنك فور دخولك بيتك سيلتهمك شبح النوم ، فقط ستضيع عطلة الأسبوع سدا ، شئ كفيل لازعاجك .
لا زلت في طريقئ عائدا ومتكئا برأسي على مقدمة الكرسي أمامي فأغط في غفوة لا أعلم كم طالت ولكنني استيقظت على بداية  شجار ، رجل ضخم الجثة يبدو  في الأربعين من عمره  يجلس جواري يظهر من هيئته و صلابة ملامحه و  جمجمته أنه ريفي بطئ الفهم ساذج يختلق شجار لايعلم لماذا بدأه مع شخص في طرقة الأتوبيس ، حاولت التفريق بينهما تتشابك الأيدي و يرتفع السباب لسبب تافه ، يتركون الحافلة يكملون الشجار  في الشارع وأقسم أنهم لا يغلمون لماذا يفعلون .
منذ فترة ليست بالقريبة أصابني إحباط من كل ما هو مصري ، نوبة لأ أعلم هل هي  من كره الوطن أم هو زهد فيه ، أتعجب كثيرا من سرعة اشتعال الناس و كأنهم يتصيدون لبعض زلة لينفجروا ليخرجوا كبت دواخلهم و وضيق  ما يحملون ، أين الرحمة أتساءل نطلبها من حكامنا و نفقدها فيما بيننا .
لا زلت في طريقي للبيت ، وليس في ذهني أي فكرة عن تلك المفارقات أو المصادفات التي  قد تعصف باليوم فتغير مجراه ، أو تخلق فيه أحداث متتابعه يسلم بعضها الاخر في عشوائية منمقة ، فيقود القدر خطاك فتخطها قدماك ، فيقود القدر بصرك فتشهد عيناك .
ربما كان الحدث تافه ولكنه كان يعني لي الكثير تذكرة الحفلة التي تسعى لاقتناءها بعد نفاذ التذاكر ها هي الان ، رسالة من شخص لا تعرفه من فيسبوك ينشر معي تذكره فائضة من يريدها ، أنا ، هذا كل مافي الأمر ، هذا ما حركني من بيتي قبل الحفلة سريع الخطى أهفو لفن راقي ، ثوري النزعة ، لفرقة قائدها فنان  متواضع وهادف يسير على درب الشيخ امام . لا أعلم كيف تصطفى جمهورك ليكون بكل ذلك التحضر ، نوع آخر من الجمهور ،تشم فيهم رائحة أقارب شهداء  أو أصدقاء شهداء أو ربما شهداء لم يستشهدوا بعد.
و اذا بالوطن الذي كنت ألعنه صباحا في الحافلة ، يقشعر بدني ليلا حين يتغنى الجمع بأهازيج مدحه و نغمات رثاءه ، شعرت وقتها بأنني أنتمي لهؤلاء أنتمي للمكان الذي جمعني بهم ،  أنتمي لمن ماتوا فنغني لهم طرباً ،وتدمع أعيننا لهم رثاءً ، أدركت أن الخير في هؤلاء وفي أصلابهم .
واذا بالحفلة تنتهي وقد انتشيت، أتوجه للمنزل ، أركب الحافلة ، أتحرك من آخرها لأولها لأدفع الأجرة للسائق مبدلا مقعدي في عشوائية تامة  لأجلس  وعلى يساري من الصف الاخر للمقاعد رجل في الخمسين من عمره متواضع الثياب أو مهرتل الهيئة ، يبدو من حديثه حين هم في الحديث أنه محدود الثقافة ، ربما هي مصادفة ليفتح معي أول مايفتح عن واقي الركبة الذي يرتديه لعيبة الكرة و سائقو الدرجات ، أسمع له  أبادله الحديث ،يختم موضوعه هذا  بدعوة " ربنا يقوي ركبك يا ابني " لماذا تلك الدعوة تماما ،لابد أنني لم أذكر له عن ألم ركبتي المفاجئ الذي يصاحبني أكثر من عام ونصف الى الان.
 يسألني عن دراستي ، لأجده يعلم الكلية ومواد القسم خاصتي بل يمليها هو علي  " خدت ماتريل السنه اللي فاتت و Theory of machines وماذا عن وصفية اعدادي نسيتها ؟ شكلك نسيتها . مين كان بيدرسهالك  " يقترب مكان نزولي يتحرق فضولي لمعرفة من هذا الرجل ليعرف كل هذا ، ربما سوء تقدير مني بسبب هيئته وبساطة حاله وصعوبة نطقه لأسماء المواد ، من أنت يا حاج قد اقترب مكان نزولي    "I am production Mechanical Engineer "
لم أصدقه ولو أعادها الاف المرات ليس تصديقا أعمى لحدسي و تقديري ،بل لا اعلم لماذا ،
 يسلم علي ويقبلني ويقول آخر جملة لي لن أنساها حتى يوم التخرج " شد حيلك ومتتعقدش من الكلية "
تركت الحافلة مشدوها لم أنطق معه ببنت شفة و ساقني القدر لمقعد بجواره بعد أن كنت في اخر السيارة ، يحدثني عن أمور تؤرقني وهي محور تفكيري ، بدءا بركبتي التي لايبرحها الألم عجز عن تشخيصه الأطباء ، وانتهاء بالكلية التي هي محور تفكيري وانشغلي وكآباتي تلك الأيام .
ربما هي أفكار عديدة  تجعلني الى الان سعيدا ، أولها احساسي و كأن هذا رسول من عند الله متجسدا لم يره غيري يرسل لي رسالة من عند الله ويرحل ، لماذا أنا ولماذا هذا الحديث لقد كان صامتا مع باقي الجمع في الحافلة ، ربما أراد الله أن يربت على كتفي و يمنحني سلوانا و صبرا ، ويلفت فكري الى أن ذلك الكون حقا لا ضمانات فيه ربما يتبدل كل شئ في لحظة ربما يسوق لك القدر فرجاً أو سلوانا ،ربما تتأتي الأحداث تباعا متتالية فتحس بأنك عشت آلاف اللحظات في وقت قصير ، يعلمني أنني لا أرى من غير زاوية واحدة من صورة الأوطان ومن جوانب الانسان .

الفكرة الأخرى التي تسعدني أنني أعلم أن لن يهتم أحد ليكمل قراءة ما كتبت لاخره ، وربما أسعد أكثر لو اكتشفت أن أحد قد غلبه الفضول . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق