الأربعاء، 18 يناير 2017

ظمأ القلوب

أتعلم حين تصل الى نقطة لا ترى منها نهاية و لا قبلها بداية ، متخبط قليلا ، الخوف يملأ قلبك ، صارت الخطى هي أثقل القرارات و أمضها .
لماذا صرت هشا الى تلك الدرجة ، و أنت الذي كنت تظن بنفسك حساسية مفرطة تجاه ما يقلب مزاجك و يعكر من صفوك ، أنت فاقد القدرة الآن أن تعرف ما الذي حل بك و على الأقل ماذا تريد من نفسك أو حتى من الناس .
ربما هي نزعة طفولية قليلا أنك تود أن ترى في الكون انعكاسات كآباتك و مرآة لمزاجك ، و لكنه  من الاجحاف أيضا أن تظن بنفسك  خفاشا يستطيع أن يسهر الليل دون أنيس  ، أو تظن أنك راهب قادر على اعتزال الناس . 
أنت تروح و تجئ وتشارك وتخالط  الناس..
..و حين تجلس في الغرفة وتطفئ الأنوار ، ثمة شئ ناقص تفتقده ،  جزء ما في داخلك لم يصل له بشر حتى المقربين اليك.
..
قالوا ان افتقادك لشئ هو أكبر دليل على أنه موجود حقا ، له كيان في مكان ما ، ظمؤك جوعك ، تهم بالبحث عن ماء وطعام  وماذا عن ظمأ وجوع القلوب ، ثمة قلوب تتضور من فرط الجوع ما السبيل لاطعامها ، وأي طعام تستسيغه و أي طعام ستلفظه .
ربما الهرب أحيانا هو سيد الموقف و الحكمة و الرجحان ، هناك أمور لو واجهتها لن تستطيع التصدي إزاءها ، ستحاول نعم 
ولكن ستسنفذ ، ستعتصرك عصرا . 
أشكال الهرب كثيرة سيدي ، ستتجنب الجلوس منفردا ،ولا تحاول الحديث الى نفسك ، اذا شعرت أن شئ  بداخلك سينغص اهرب منه لا تدعه يحيطك أو يحتويك ، اذا شعرت بذلك الظمأ الذي كنا سنتحدث عنه ، لا ينفعك الماء و لن يطيل بك الخمر مفعولا . 
تراني أنصحك الان و أطيل الحديث عن المشكلة وأنا وأنت نعرف الحل ..
ولكن أتعلم أذكر مرة أنني حزنت كثيرا ، فبحثت عمن لا أحتاج كثيرا أن أوصف له ما بداخلي حتى يشعر بي ، نعم يا صديقي هو طبيب ولكن من نوع خاص جدا ، دون عيادة و دون- روشته-  ودون أن تتحدث كثيرا و دون خوف من أن ينصفك التوفيق في التعبير و استدعاء اللفظ المناسب  أو لا ينصفك . 
ثمن الكشف متواضع جدا يا صديقي 
حين تجلس في الغرفة وتطفئ الأنوار ، ثمة شئ ناقص تفتقده ،  جزء ما في داخلك لم يصل له بشر حتى المقربين اليك .. 
فقط ستضم سيف يدك  اليمنى إلى سيف يدك اليسرى وتبسط الكفين الى السماء وتبكي في حضرة الله .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق