الأربعاء، 18 يناير 2017

الكتابة حق لمن ؟

ليست الكتابة حكرا على أصحاب الأعمدة الصحفية وليست ملكا لمن يرغبون الشهرة والصيت ، إن الكتابة حق لكل من يمتلك ورقة وقلم ، كل من ضاقت به نفسه فراح يشكي للورق همه و يأتي بما تنوء به جوانجه ، ربما يرتجل مقالا  أو بيت شعر تستشعر فيها   صدقا غير مسبوق

نتعرض في حياتنا لضغوط نفسية ومشاكل وحيرة وشك وفرح وحزن ، كثير من المشاعر المتضاربة تزدحم بها ذواتنا ، منا من يفضل الكتمان و المكوث أمام مشاعره بلا حراك ، ومنا من يرى في الإفضاء بعض السكون النفسي وبعض المشاركة الوجدانية من قريب أو عزيز عليه
لقد أجفلنا حق الورق علينا ، لا أظن أنك ستجد صديق أشد اكتمانا من ورقة بيضاء ، يشي بياضها و نعومة طبقاتها الى صدق سريرتها و نقاءها ، تلك الحالة أظنها حالة من الارتقاء النفسي لإخراج كل ما هو سلبي فتراه ينطبع على الأوراق ايجابيا هادفا ، لابد من أن كلماتنا تلك التي تدور بأذهاننا بعضها من الذهب أو من معدن نفيس ، يقول دكتور علاء الأسواني في رواية شيكاجو " الشهره ليست مقياسا لنجاح الأديب . هناك أدباء مشهورون بلا قيمه وأدباء عظام لا يعرفهم الناس ، انني أكتب لأن لدي ما يجب أن أقوله .. وما يهمني ليس الشهره وانما التقدير .. أن يصل ما أكتب الى عدد من الناس حتى لو كان قليلا ليغير أفكارهم و أحاسيسهم "

أقسم أنك أرجح عقلا و أصوب قلما ممن كتب مقالات عبثية  عن تفاهات حصد بها آلاف مرات النشر و الاعجاب ، و هذه مشكلة العوام أيضا ممن يشهرون الحمقى ، فأمام كل أحمق يشتهر و يتصدر الشاشات ، آلاف من المواهب تدفن و تندثر ،  تظنها أزمة ثقافة ، أو أن العقل الجمعي بحاجة الى مزيد من الارتقاء و التنزه ، صحيح ، فأنا أعلم الكثير من أصحاب المواهب الكتابية  همشوا الكتابة جانبا فقد فقدوا  حلم الشهرة و الوصول

أظن أيضا أن تلك المشكلة قد خلفت بين جمهور القراء المثقفين أزمة من الثقة ، فعباس العقاد الذي كان يفتخر بأنه كان يقرأ كل كتاب يقع بين يديه ، أظن أنه لو ظل حياً بيننا الآن لما كان فخورا بتلك النقطة على الاطلاق . صرت لا أثق في أي كتاب أقبل على قرائته ، لابد من التحريات بدئاً بحصد الآراء من أصدقائي الذين تروقني أذواقهم القرائية ، مرورا بنبذة عن الكاتب و تفصيلا مفصلا للمقدمة ما تحتويه ، وانتهاءا بالقراءه باحتراس للكلمات حتى يطمئن القلب بما تحوي السطور

فبقدر حاجاتنا الى الكتابة كوسيلة تعبيرية و إفضائية ، بقدر حاجتنا الى جرعات أدبية و معرفية  تستحق إفناء ساعات القراءة و التدقيق ، نفتقد كتابا كمصطفى محمود و محمد الغزالي ورضوى عاشور و بنت الشاطئ وغسان كنفاني و أنيس منصور ، كتاب يؤمنون بحرارة الكلمات و وقعها على النفوس و بصمتها في العقول . 
أتمنى أن نحسن الذوق العام و أن نرتقي قدر الامكان ، و أتمنى أن أري بين دور النشر و مجتمع الناشرين من يقدم يد العون لجمهور من الكتاب الناشئين المبدعين ، فمن المحزن أن يصبح الأمر تجاريا بحتا .
 فاذا وضعنا معايير سمو الهدف و صدق المحتوى في المنشورات سنقدم لجمهور القراء قيما فنية تضيف الى عقولهم الكثير. 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق