يجلس على قارعة الطريق في
ساعة متأخرة بعد منتصف الليل ، برودة الجو تضيف الى أطرافه شئ من التخبط لا يقل عن ذلك الذي يدور في رأسه ، ينكمش على نفسه وببطء شديد يخرج من
جيبه علبة السجائر ليتلقط لفافة يضمها بين شفتيه ويشعلها ، ينفث أول الأنفاس ويقول
بصوت مسموع " ولكنها أيضا كانت غبية ، كانت تطيل الحديث وتضحك كالمجنونة و
تشتعل غضبا فتحس أن القيامة تقوم كل
أفعالها لا تخلو من المغالاة و المزايدة "
يطيل سحب النفس التالي تلك المرة وينفثه ببطء ويتبع حديثه المسموع الى نفسه " ولكنها كانت تحبني ،
أعادت الى حياتي معناها الذي غاب عني ، قادت لي هويتي التي فقدتها في صراعات
الحياة وتقلباتها الشعواء ، علمتني أن أضحك رغم أنني صاحب النكات ، و فقدت أحزاني
معها ذلك الطابع اللاذع دائم الأثر "
ثم ينفث نفسا آخر وينظر الى السماء فاذا بنجم ساطع يلمع في عتمة السماء وقتامتها ، يقول " كانت كالنجم الساطع
"
ثم ينفث مجددا " كانت كالنجم الساطع
"
" كانت كالنجم الساطع "
ويكررها ويسحب الأنفاس
ثم توقف ، لم تنتهي سجائره بل تلاشى النجم
بحلول الصباح .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق